عبده الحلو .. صناعة جريد النخيل تراث وإرث نتوارثه

0
1

تختلف وتتنوع أشكال الحرف اليدوية، ولكن تعتبر صناعة الكراسي والادوات المنزلية من جريد النخيل أحد أعرق الحرف المصرية، والتي يرجع تاريخها لقرون مضت، وتعد أيضا من أصعب الحرف اليدوية والتي تحتاج قوة بدنية كبيرة للعمل بها.

والجدير بالذكر أن النخيل يعتبر مصدرا مهما من مصادر الخامات الأولية اللازمة للحرف الريفية الشعبية، فيصنع من الجريد الأقفاص والكراسى والأسرة والموائد الصغيرة بتصميمات جميلة، ويصنع من الخوص أيضا المقاطف والمراجين والسلال والمراوح اليدوية

من يمنح مهنة القفاصة التراثية التي توشك أن تندثر “قُبلة الحياة”، ويحفظ مهارة وحرفية “القفاص” الذي يقطع الجريد اليابس أعوادًا صغيرة، يعشق بعضها في بعض، صانعًا منها أثاثًا مثل أسرَّة وكراسى ، أو أقفاصًا صغيرة تحوي الثمار وغيرها.

فى ساحة كبيرة بها عشش على أطراف مدينة حوش عيسى محافظة البحيرة ، يسكن “القفاصة” عبده السيد الحلو ورفاقه ، يتقاسمون الكفاح والشقاء معا، فى تجهيز أعواد “الجريد” بأيديهم ويصنعون سويا الأقفاص والكراسى والطاولات من سعف النخيل بدقة ومهارة ، ينتجون من جريد النخيل أقفاص حفظ الخضروات والفاكهة والكراسى والطاولات والأسرة سعيا وراء رزقهم ولقمة عيشهم.

“مهنة عيلتي وأجدادي” اتعلمت من طفولتى على يد أبى وخالى وعمى بهذه الكلمات بدأ عبده السيد البالغ من العمر 50 عاما ابن الفيوم اب ل 5 اولاد حديثه ” للميدان ” فقال إنه عمل في صناعة أقفاص جريد النخيل منذ الصغر ، حيث عكف هو وبعض أفراد أسرته على مراقبة والدهم وأجدادهم وهم يصنعون الأثاث من كراسي وطاولات وأقفاص من جريد النخيل، حتى تعلموا أصول المهنة واحترفوها وعلموها لمن يرغب بهذه المهنه ، ليحافظوا على الحرفة من الإندثار.

واضاف عبده اخذنا من جريد النخيل حرفة يدوية أصيلة ، نتقاسم الأعمال فيما بيننا بين تقطيع جريد النخيل وتسويته وتقليمه وتركيبه مع بعض بشكل مرتب ومنسق بمهارة فائقة، لننتج أعمالا ومنتجات غاية في الروعة والجمال.

وتابع أن صناعة جريد النخيل من الحرف اليدوية العريقة الشاقة التي تحتاج للمهارة والدقة والخبرة، ولا تزال تحافظ على رونقها بالرغم من ظهور البلاستيك وسيطرته على الأسواق، مشيرا إلى أنهم يقضون ساعات طويلة في ساحة عملهم لإخراج وإنتاج المنتجات المطلوبة من الجريد بجودة عالية ودقة وشكل جمالى جذاب، حيث تبدأ مراحل الصناعة بعزل الخوص عن الجريد باستخدام أداة المنجل، ثم تقطيع الجريد وشقه لقطع صغيرة وتقسيمه إلى رقائق باستخدام الساطور ، ثم دقه لصنع فتحات صغيرة به باستخدام الشاكوش الخشبي، ومن ثم تشكيل الأقفاص والكراسى وغيرها من الأعمال باستخدام أعواد الجريد.

قال مصطفى محمود ، أحد العاملين بورشه تصنيع الجريد، إنهم يقوم بجلب جريد النخل ، ثم بعد ذلك يقوم بتصنيع الجريد على مراحل، تبدأ بتصليح الجريد ثم مرحلة التعليم ثم التخريم، وبعد ذلك تطهير الجريد، ثم تصليح السنابل، ثم يقوم بتصنيع وتفصيل الكرسي أو المنضدة أو السرير أو أقفاص الفاكهة أو اقفاص الخبز.

وأوضح مصطفى محمود ، أن الجريد له موسم وهو فصل الشتاء لعدم طرح البلح به، مؤكدا أن سعره فى هذا الوقت رخيص مقارنة بسعره في فصل الصيف ، مضيفا أنه على الرغم من حبه الشديد للمهنة إلا انها تكلفه تعب جسدي كبير بسبب وضعياتها الصعبة في تقطيع وتركيب الجريد.

وقال محمد محمود وشهرته أبو عمر ” للميدان ” إن حرفة صناعة جريد النخيل بالنسبة لنا ولأسرنا تراث وإرث نتوارثه جيل تلو الآخر، حيث ولدى وجد والده وأجداده يمتهنونها ويبدعون في تصميم الأثاث القديم ومنتجاته المختلفة من أسرة وكراسي وطاولات وأقفاص خضر وفاكهة، مشيرا إلى أن رحلة تعلمه لأصول المهنة بدأت منذ نعومة اظافره ، ومع مرور السنين احترفها وأجاد صناعتها ونجح في أن يحافظ مع أخواته وأبنائهم على إرث أجدادهم من الاندثار.

وتابع أن صناعة جريد النخيل مهنة صعبة تحتاج للمهارة والدقة والتركيز والصبر؛ كونها تستغرق ساعات طويلة من العمل الشاق حتى ينتهون من الأعمال المطلوبة منهم، مشيرا أن مدة العمل لتصنيع كرسي هي أربع ساعات متصلة، أما السراير فتأخذ يوما كاملا من التصنيع.

وأوضح أنه بالرغم من متاعب المهنة ومشقتها، إلا أنها تعد مصدر رزقهم الوحيد، ومصدر سعادتهم وفخرهم الذي قضوا طفولتهم وشبابهم وحياتهم يبدعون من خلالها بمهاراتهم الفائقة في التصنيع، مشيرا إلى أنهم نجحوا في الحفاظ على مهنة أجدادهم حتى يومنا هذا في ظل ما تواجهه من تحديات.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا