«معركة تحت القبة».. بعد اعتراض المشيخة و«كبار العلماء» على «قانون تنظيم دار الإفتاء» البرلمان يسدل الستار على القانون المثير للجدل و«الطيب» يشيد بالقرار
الإمام الأكبر: مشروع القانون يخلق كيانًا موازيًا لهيئات الأزهر ويقوض اختصاصاته
ورئيس البرلمان يحيل القانون إلى «الدينية» للمراجعة
أمين هيئة كبار العلماء: شابه مخالفات دستورية وحمل تعديًا على الأزهر
ورئيس دينية البرلمان يكشف مصير القانون
كتب- أحـمـد واضـح:
نزل مجلس النواب، على رأي الدستور، ورفض فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء، والذي أثار ردود أفعال واسعة؛ تحت قبة البرلمان، ووسط رفض هيئة كبار العلماء، وشيخ الأزهر، والتأكيد أن مواده تخالف الدستور وتمس باستقلالية الأزهر الشريف.
مجلس النواب، أسدل الستار على مشروع القانون، في الدورة البرلمانية الحالية، وأحاله للجنة الدينية، بعد أن شهد خلافًا في وجهات النظر بين البرلمان، والأزهر الشريف؛ حيث قدم الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بالنواب وأعضاء آخرون، العام قبل الماضي، مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية، ووافق عليه مجلس النواب؛ واعترضت هيئة كبار العلماء على مشروع القانون، وأكدت أن مواده تخالف الدستور المصري، وتمس باستقلالية الأزهر والهيئات التابعة له، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء، وجامعة الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية.
اعتراض مسبب
مشروع القانون، نص في المادة الأولى بالفصل الأول على أن دار الإفتاء المصرية هيئة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، تتبع مجلس الوزراء، تتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، مقرها الرئيسي محافظة القاهرة، ولها أن تنشئ فروعاً بالمحافظات”، وهي حاليًا تتبع الأزهر الشريف، وهي أصل المواد الخلافية بين مجلس النواب والأزهر الشريف ومؤسساته الدينية.
هيئة كبار العلماء، أكدت أن مشروع القانون به مواد مخالفة للدستور، قائلةً في بيان لها،: “نص الدستور على أن الأزهر هو المرجع الأساس في كل الأمور الشرعية التي في صدارتها الإفتاء، والبت في كافة الأمور المتعلقة بالشريعة، والرد على الاستفسارات الشرعيَّة من أي جهة، وتقديم الآراء الشرعية في شأن المعاملات المالية المعاصرة، وإجراء الأبحاث الشرعية المتعلقة بالفتوى، والرد على الشبهات المثارة، وغيرها من الأمور الشرعية التي تضمنها مشروع القانون، و إسناد تلك الأمور لهيئة تابعة لوزارة العدل، -قبل أن تحال تبعيتها إلى مجلس الوزراء- ولا تتبع الأزهر الشريف – أمر ينطوي على مخالفةٍ دستورية.
وذكر في مقدمة القانون المقترح، أن هناك فصلًا بين الإفتاء والأزهر منذ 700 عام، وأن هناك كيانًا مستقلًّا “دار الإفتاء”، وهذا غير صحيح، فمقر الإفتاء في القدم كان في الجامع الأزهر، مشددًا على أن القانون رقم 103 لسنة 1961م، وتعديلاته بالمرسوم بقانون رقم 13 لسنة 2012م، أكَّد أنَّ الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية، ويكون مقرها القاهرة، ويجوز أن تنشئ فروعًا لها في عواصم المحافظات في مصر، أو في دول العالم، ومشروع القانون المقترح تضمن إنشاء هيئة دينية إسلامية، وأناط بهذه الهيئة الاختصاص بكافة ما يتعلق بالفتوى، فقد أسند إليها إجراء الأبحاث الشرعية المتعلقة بالفتوى، وجعَلَها الجهة القوَّامة على شئون الفتوى، والرد على الشبهات المثارة، ما يعد افتئاتا على مجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر، التي تختص بإصدار الشهادات العلمية في العلوم الإسلامية.
ومشروع القانون المقترح عُدوانًا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر واستقلالها، وهي التي تختص وحدها بترشيح مفتي الجمهورية، وجاء المشروع مُلغيًا للائحة هيئة كبار العلماء التي تكفَّلت بإجراءات ترشيح ثلاثة بواسطة أعضاء هيئة كبار العلماء، والاقتراع وانتخاب أحدهم لشغل المنصب، وتضمَّن مشروع القانون المقترح عُدوانًا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر واستقلالها، وهي التي تختص وحدها بترشيح مفتي الجمهورية، وجاء المشروع مُلغيًا للائحة هيئة كبار العلماء التي تكفَّلت بإجراءات ترشيح ثلاثة بواسطة أعضاء هيئة كبار العلماء، والاقتراع وانتخاب أحدهم لشغل المنصب.
«تعديًا على الأزهر»
وبدوره قال الدكتور محمد الضويني الأمين العام لهيئة كبار العلماء،: “إن مشروع القانون شابه عدة مخالفات دستورية وقانونية تحمل تعديًا على مؤسسة الأزهر الشريف، فيما تحتم الضرورة استمرار حالة الوفاق الأزهر، ودار الإفتاء، كما أنه لا يمكن أن تتحقق وسطية الخطاب الديني في مصر إلا بذلك، وإذا زرعت الفتنة والخلاف بين الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية، وسمح لدار الإفتاء بالتغول على اختصاصات الأزهر الشريف، فلن نجني إلا خطابًا متباينًا”.
وأردف أمين هيئة كبار العلماء، في بيان له،: “إن المخالفات الدستوريَّة التي شابت مشروع قانون دار الإفتاء لا تقتصر أو تقف عند مجرد العدوان على اختصاصات الأزهر الشريف، ومحاولة إنشاء كيان موازٍ له يقوم في موضوعه وغايته، بل الأمر يتجاوز حدود النزاع على الاختصاصات، أو التشبث بالصلاحيات”.
خطاب الإمام الحاسم
ومع إقدام البرلمان على التصويت النهائي على مشروع القانون؛ تمهيدًا لإقراره رسميًا، أرسل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، خطابًا، للدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، مطالبًا بحضور الجلسة العامة التي كانت محددة لمناقشة مشروع القانون والتصويت النهائي عليه، -حال الإصرار على إقرار هذا المشروع رغم ما به من عوار دستوري-.
وقال شيخ الأزهر، في خطابه،: “إن ذلك يأتي وفاءً بالأمانة التي أولاها الله تعالى له، وعرض رؤية الأزهر في ذلك المشروع الذي من شأن إقراره أن يخلق كيانًا موازيًا لهيئات الأزهر، ويجتزئ رسالته، ويُقوِّض من اختصاصات هيئاته”.
مؤكدا فضيلته أن الدستور جعل الأزهر -دون غيره- المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، والمسؤول عن الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية، في مصر والعالم، مؤكدا على أنه من المسلَّم به أنَّ الفتوى الشرعية من الشؤون الإسلامية وعلوم الدين، التي يرجع الأمر فيها لرقابة الأزهر الشريف ومراجعته.
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، أنه تمت الإشارة مسبقًا من خلال المكاتبات لتحفظ الأزهر الشريف على مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء، فيما تضمَّنه من تعارضٍ مع نص المادة السابعة من الدستور ومع قانون الأزهر القائم، ومع اختصاصاته الثابتة عبر مئات السنين من خلال القوانين المتعاقبة، وشرح مبررات هذا التحفظ.
وأرفق الإمام الطيب، رأي هيئة كبار العلماء في مشروع القانون، وكذلك صورة التقرير المتداوَل لقسم التشريع بمجلس الدولة، معقبًا،: “اليوم أضع أمام بصر السادة نوَّاب الشعب المصري -المؤتمنين على مؤسَّساته العريقة بعد أن أقسموا اليمينَ على احترام الدستور- صورةَ التقرير المتداوَل لقسم التشريع بمجلس الدولة، باعتباره الجهة المختصَّة بمراجعة مشروعات القوانين، والذي انتهى فيه -بعد دراسة موضوعية لمشروع القانون المحال من مجلس النواب- إلى مخالفته الصريحة لنصوص الدستور، وتعارضه مع الاختصاصات الدستورية والقانونية للأزهر الشريف، وجاءت أسباب هذا الرأي متفقةً مع رأي فقهاء القانون الدستوري وأساتذته، ومع الدراسة التي أجراها الأزهر لمشروع القانون والسابق موافاة سيادتكم بها بتاريخ 1 مارس 2020م، لتوزيعها على السادة النوَّاب قبل التصويت على المشروع».
مصير القانون
الدكتور أسامة العبد رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، قال في تصريح له،: إن ما أثير حول سحب مشروع قانون دار الإفتاء على ضوء ملاحظات مجلس الدولة لمخالفته الدستور؛ لا أساس لها من الصحة، موضحًا أن الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، أعاد مشروع القانون، المقدم من رئيس اللجنة الدينية و60 نائبًا، من بينهم الدكتور أسامة الأزهري -المستشار الديني للرئيس-، إلى اللجنة الدينية للنظر في ملحوظات قسم التشريع بمجلس الدولة، وإعداد تقرير بذلك؛ فيما يقتصر دور اللجنة على إعداد تقرير حول الملاحظات والرد عليها ورفعه إلى رئيس المجلس.
وبدوره أصدر الأزهر الشريف، بيانًا حول قرار رئيس مجلس النواب إعادة مشروع القانون للمراجعة قبل التصويت النهائي عليه، قال فيه،: “إن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حريصة دائما على الحفاظ على الأزهر وعلى تقديم كل الدعم والمساندة له، لأداء رسالته في نشر الوسطية والتسامح بصفته أهم مصادر قوى مصر الناعمة وعنصرا فاعلا في مواجهة التطرف والإرهاب”.
وأردف الأزهر، في بيانه مساء الاثنين الماضي، «إن المناقشات التي تمت حول مشروع قانون دار الإفتاء هي مظهر صحي من مظاهر الحياة النيابية المصرية، التي عرفت بها مصر بمناقشة كل الآراء وتفتح الباب أمام النقاش المجتمعي في مختلف القضايا، وأثبتت أن مصر تعلي من قيمة أحكام الدستور واحترام مؤسساتها وهي ممارسات تثري الحياة السياسية».
ومضى البيان: «يشيد الأزهر الشريف بالخطوة التي اتخذت اليوم بسحب قانون تنظيم دار الإفتاء من التصويت في مجلس النواب المصري، بعد ثبوت مخالفته للدستور وتعارضه مع اختصاصات الأزهر الدستورية والقانونية»؛ لتسدل بذلك الستار عن هذا القانون المثير للجدل، أو بالأحرى ينتهي الفصل الأول من الرواية، والتي تكشف الأيام المقبلة مصير نهايتها.
افتتح معالي نائب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس هيثم بن عبدالرحمن العوهلي، اليوم الاثنين، أعمال «قمة هواوي كلاود السعودية 2023»؛ والتي ترعاها الوزارة وتنظمها...
أعلن أعضاء المؤتمر الدولي للمسؤولية الاجتماعية للشركات(ICCSR) عن إنعقاد الدورة الثانية و العشرين لمؤتمرهم السنوي لعام ٢٠٢٤ بمصر في حرم الجامعة الألمانية بالقاهرة (GUC)...